قل لي فيم تفكر .. أقل لك من أنت
هل أنت مشغول بجمع المال و امتلاك العقارات و تكديس الأسهم و السندات؟
أم
مشغول بالتسلق على المناصب و جمع السلطات و التحرك في موكب من الخدم و
الحشم و السكرتيرات؟
أم أن كل همك الحريم و موائد المتع و لذات الحواس و
كل غايتك أن تكون لك القوة و السطوة و الغنى و المسرات..
إذا كان هذا همك فأنت مملوك و عبد.. مملوك لأطماعك و شهواتك، و عبد .. لرغباتك التي لا شبع لها و لا نهاية
فالمعنى الوحيد للسيادة هو أن تكون سيدا على نفسك أولا قبل أن تحاول أن
تسود غيرك
أن تكون ملكا على مملكة نفسك أن تتحرر من أغلال طمعك و تقبض
على زمام شهوتك
و القابض على زمام شهوته
، المتحرر من طمعه و
نزواته و أهوائه لا يكون خياله مستعمرة يحتلها الحريم و الكأس و الطاس، و
الفدادين و الأطيان و العمارات، و المناصب و السكرتيرات
الإنسان الحقيقي لا يفكر في الدنيا التي يرتمي عليها طغمة الناس
و هو لا يمكن أن يصبح سيدا بأن يكون مملوكا، و لا يبلغ سيادة عن طريق
عبودية. و لا ينحني كما ينحني الدهماء و يسيل لعابه أمام لقمة أو ساق
عريان أو منصب شاغر. فهذه سكة النازل لا سكة الطالع
و هؤلاء سكان البدروم حتى و لو كانت أسماؤهم بشوات و بكوات، و حتى و لو كانت ألقابهم، أصحاب العزة و السعادة. فالعزة الحقيقية هي عزة النفس عن التدني و الطلبو ممكن أن تكون رجلا بسيطا، لا بك، و لا باشا، و لا صاحب شأن، و لكن مع
ذلك سيدا حقيقيا، فيك عزة الملوك و جلال السلاطين، لأنك استطعت أن تسود
مملكة نفسك
و ساعتها سوف يعطيك الله السلطان على الناس. و يمنحك صولجان المحبة على كل القلوب
انظر إلى غاندي العريان..
البسيط.. كم بلغ سلطانه؟
كان يهدد بالصوم فيجتمع مجلس العموم البريطاني من الخوف و كأن قنبلة زمنية
ستقع على لندن. و كان يجمع أربعمائة مليون هندي على كلمة يقولها.. و كأنها
السحر
هذا هو السلطان الحقيقي.. هذا هو الملك الحقيقي .. الذي لا يزول الحريم و القصور و الكنوز و الثروات و العمارات مصيرها إلى زوال
لن تأخذها معك إلى تابوتك. سوف تنتقل إلى الورثة.. ثم إلى ورثة آخرين، ثم تصبح خرائب مع الزمن
أما محبة الملايين فسوف تصاحبك في تابوتك و تظل علما على اسمك مدى الدهر..
كما تفوح الذكرى عطرة تضوع بالشذا كلما جاء اسم غاندي على الألسن
الغنى الحقيقي أن تستغني. و الملكية الحقيقية ألا يملكك أحد، و ألا تستولي عليك رغبة، و ألا تسوقك نزوة السلطنة الحقيقية أن تكسب قيراط محبة في دولة القلوب كل يوم
تذكر أن الذين يملكون الأرض تملكهم. و الذين يملكون الملايين، تسخرهم
الملايين،
ثم تجعل منهم عبيدا لتكثيرها، ثم تقتلهم .. بالضغط و.. الذبحة و
القلق.. ثم لا يأخذون معهم مليما
صدقني هؤلاء هم .. الفقــراء حقا
د / مصطفـى محمـــود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق